أكد سفير اليونسكو للمقام العراقي، حسين الأعظمي، أن المقام العراقي نشأ في البيئة البغدادية، ومنها انطلق إلى العالم، مشيراً إلى أن هذا الفن التراثي يمتلك قدرة عالية على الصمود والاستمرار رغم التطور التكنولوجي وتسارع ثورة الاتصالات.
وأوضح الأعظمي أن التراث يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالبيئة الجغرافية والاجتماعية التي نشأ فيها، وأن خصوصية المقام العراقي نابعة من واقع بغداد الثقافي والحضاري، لافتاً إلى أن أي تراث أصيل يلقى القبول والاهتمام أينما عُرض، حتى لدى من لا يتذوقه بشكل كامل.
وبيّن أن المقام العراقي يحمل جذوراً عراقية واضحة وعمقاً عربياً إسلامياً، مع تأثيرات من مناطق غرب آسيا كتركيا وإيران وأذربيجان، وهو ما أسهم في تكوينه الحضاري الغني، مؤكداً أن بغداد شكّلت الحاضنة الأساسية لهذا الفن، لما تمتعت به من مكانة ثقافية وحضارية عبر التاريخ.
وأشار إلى أن تراجع حضور المقام في بعض الفترات يعود إلى أساليب العرض التقليدية التي لم تواكب التطور، موضحاً أن تقديم المقام بأسلوب عصري، وإتاحة فرص المشاركة الخارجية والاحتكاك الثقافي، من شأنه أن يعزز من تطور الأداء ويُثري تجربة المؤدين، لاسيما أن أغلب قرّاء المقام يعتمدون على الموهبة الفطرية.
وأضاف أن الأداء الفني للمقام يعتمد على عناصر تعبيرية دقيقة تشمل التحكم بالصوت، وتقسيم الجمل الموسيقية، والإحساس الشعري والخيال الفني، مبيناً أن غياب الخيال يُفقد العمل الفني قيمته التعبيرية.
وتحدث الأعظمي عن عدد من الأصوات الشابة التي برزت في أداء المقام، مؤكداً وجود طاقات واعدة حريصة على تعلم أصوله الصحيحة، كما أشار إلى أن بعض المقامات الثقيلة تحتاج إلى إمكانيات صوتية خاصة ولا يمكن لأي مغنٍ أداؤها.
وأكد أهمية تدوين المقام العراقي موسيقياً وتحويله إلى مادة أكاديمية مدروسة، بدلاً من بقائه خاضعاً للاجتهادات الفردية، مشيراً إلى جهوده في هذا المجال من خلال مؤلفاته ودراساته الأكاديمية.
وفي ختام حديثه، اقترح الأعظمي اعتماد يوم السابع من تشرين الثاني من كل عام عيداً رسمياً للمقام العراقي، كونه اليوم الذي جرى فيه الاعتراف بالمقام العراقي عالمياً باعتباره تراثاً يمثل جغرافية العراق وهويته الثقافية.