القائمة
تابعنا على
الآن
“غرائب الأمصار وعجائب الأسفار” في النيجر ومالي.. رحلة ابن بطوطة في مجاهل الصحراء الكبرى
تاريخ النشر: 29 يوليو 2023 | الساعة: 01:23 مساءً القسم: المشاهدات:
519 مشاهدة

رغم أنه زار معظم أنحاء المعمورة المعروفة في زمنه خلال رحلته إلى الحج التي استمرت 27 عاما، فإن رحلة ابن بطوطة الأفريقية في الصحراء الكبرى تعد واحدة من أخطر وأصعب الرحلات التي سجلها الرحّالة العربي الأشهر في التاريخ وكاد أن يفقد خلالها حياته مرات عدة، لكنه عاد إلى المغرب بعدها ليدوّن كتابه، ويصف الممالك الإسلامية في غرب أفريقيا والحياة الثقافية المزدهرة بها في العصور الوسطى.

 

ففي منتصف القرن الرابع عشر الميلادي (منتصف القرن الثامن الهجري)، تجهز ابن بطوطة للرحلة الشاقة بعد أن كان قد طاف بأنحاء المعمورة بما في ذلك شمال أفريقيا ومصر والشام والعراق وفارس والصومال والشرق الأقصى والصين والهند، واكتسب خلال رحلاته خبرات أفادته كثيرا في رحلته الأصعب.

 

سافر ابن بطوطة من مراكش إلى سلا، ثم إلى مدينة “مكناسة العجيبة الخضرة النضرة ذات البساتين والجنات.. ثم وصلنا إلى حضرة فاس حرسها الله تعالى” ومنها إلى مدينة سجلماسة “وهي من أحسن المدن وبها التمر الكثير الطيب وتشبهها البصرة في كثرة التمر لكن تمر سجلماسة أطيب ونصف إيرار منه لا نظير له في البلاد”، وهناك اشترى جمال الرحلة وتجهّز جيدا، وقام بتسمين الجمال لمدة 4 أشهر قبل أن ينطلق مع قافلة من الجمال مواجها مجموعة من التحديات، أولها كان الأمان في الصحراء المليئة بقطّاع الطرق واللصوص والقتلة.

 

ولحسن حظ ابن بطوطة، صادفت رحلته تحول قبائل صحراوية من لصوص إلى حماة القوافل بمقابل متفق عليه، وكانت قبيلة المسوفة من قبائل صنهاجة (واحدة من أكبر القبائل الأمازيغية) هي حماة القافلة، وكان حراسها وقادة القافلة وأدلتها من هذه القبيلة التي كان ابن بطوطة ومرافقوه في القافلة مجبرين على الوثوق بهم بدلا من الوقوع في أيديهم.

 

اكتشاف الصحراء بدءا بالنيجر

 

وصلت القافلة بعد 25 يوما إلى “تغازي”، وهي قرية في مارادي بالنيجر الحالية، ولاحظ أن مساجدها ومنازلها مبنية من ألواح الملح الصخري ومسقوفة بجلد الإبل وليس هناك أشجار لأن التربة رملية، لكن مناجم الملح التي تم حفرها جعلت المنطقة مركزا اقتصاديا يتبادل فيه الناس قطع الملح كنقود تستبدل بالذهب والفضة.

 

لكنه لم يبق فيها إلا 10 أيام لأن مياهها كانت مرة ومالحة، وكان الذباب منتشرا فيها، لكنه ذكر أن الكمأة فيها كثيرة، وفيها أيضا القمل الذي يمنعه الناس بالزئبق، ورحل منها إلى واحة “تاساراهلا” لمدة 3 أيام تحضيرا للرحلة الكبرى عبر الصحراء الشاسعة التي شكلت الطريق التجاري القديم الذي يمر عبر أرض صخرية كانت عرضة للاختفاء تحت جبال الرمال.

 

وكان في القافلة تاجر تلمساني (من تلمسان الجزائرية) يعرف بالحاج زيان، ومن عادته أن يقبض على الحيات ويعبث بها فأصابته واحدة منها وقطع يده لمنع انتشار السم، ثم وصل إلى مدينة “إيو الأتن” بعد سفر شهرين كاملين من سجلماسة، وهجا ابن بطوطة مشرف تلك المدينة لأنه لم يضيّف القافلة إلا بطعام قليل، لكنه أقام بها 50 يوما، ومدح أهلها الكرماء، وقال إن “ثياب أهلها حسان مصرية، ولنسائها الجمال الفائق وهن أعظم شأنا من الرجال”.

 

وبعد مسيرة 10 أيام من “إيو الأتن” وصلت القافلة لقرية زاغري، وهي قرية كبيرة يسكنها تجار السودان، ومنها بمحاذاة النهر إلى كارسخو وكابرة ثم زاغة (ولكابرة وزاغة سلطانان يؤديان الطاعة لملك مالي) وأهل زاغة قدماء في الإسلام لهم ديانة وطلب للعلم، ومنها طريق طويل عبر الصحراء إلى بلاد السودان.

مشاركة
اقرأ ايضاً
© 2024 Taraf Iraqi | جميع الحقوق محفوظة
Created by Divwall Solutions