يشهد العراق تحولاً رقمياً غير مسبوق، مع قفزة ضخمة في أعداد مستخدمي الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وفق أحدث بيانات شركات التحليل الرقمي العالمية، وفي مقدمتها We Are Social. ويأتي هذا التوسع بالتزامن مع دخول عدد كبير من الشركات التقنية العالمية إلى السوق العراقي، وسط تحذيرات من الإفراط في الاعتماد على التكنولوجيا مقابل مؤشرات واضحة عن نضوج رقمي متسارع.

ووفق التقرير الصادر في أكتوبر 2025، سجّل العراق معدلات قياسية في استخدام الإنترنت والهواتف الذكية، ما يعكس انتقال البلاد إلى مرحلة جديدة من التطور الرقمي. فقد ارتفع استخدام منصات التواصل الاجتماعي بنسبة 17% خلال عام واحد، ليتجاوز عدد الحسابات الرقمية 40 مليون حساب نشط.

وبيّن التقرير أن اشتراكات الهواتف المحمولة بلغت 50.8 مليون اشتراك، في بلد يضم 47.3 مليون نسمة، بنسبة انتشار تصل إلى 108%، وهو مؤشر على اعتماد العراقيين شبه الكامل على الهاتف المحمول للوصول إلى الإنترنت، وامتلاك العديد منهم أكثر من شريحة اتصال.

وساعد ارتفاع نسبة التحضر إلى 72.2% في تعزيز انتشار خدمات الاتصالات داخل المدن والمناطق المكتظة بالسكان، فيما بات الإنترنت حاجة يومية لا يمكن الاستغناء عنها؛ إذ يستخدمه 39.6 مليون شخص، أي نحو 83.8% من السكان، بزيادة بلغت 4.7% عن العام الماضي، ما يشير إلى تضاؤل الفجوة الرقمية وارتفاع كفاءة استخدام التكنولوجيا في التعليم والعمل.

أما الرقم الأكثر لفتاً للأنظار فهو الزيادة الكبيرة في مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ بلغ عدد المنضمين الجدد خلال عام واحد فقط 5.8 مليون مستخدم.

ويرى الخبير في الإعلام الرقمي علي نوري أن تخطي عدد حسابات التواصل الاجتماعي (40.1 مليون) لعدد مستخدمي الإنترنت الفعليين يعكس تعدد حسابات الأفراد عبر المنصات، وتحول هذه المواقع إلى “ساحة عامة” يجتمع فيها العراقيون بمختلف توجهاتهم.

كما يشير نوري إلى أن هذا النمو الهائل يمثّل فرصة ذهبية لقطاعات الأعمال، ولا سيما التجارة الإلكترونية والتكنولوجيا المالية، محذراً من أن الشركات التي لا تتبنى خططاً رقمية واضحة ستجد نفسها خارج المنافسة خلال السنوات المقبلة.

ويؤكد أن الحكومة العراقية باتت مطالبة بتسريع انتقالها نحو “الحكومة الذكية” عبر تطبيقات الهاتف المحمول، إلى جانب الإسراع في إعداد تشريعات قوية للأمن السيبراني لحماية البيانات الرقمية لملايين المستخدمين.