القائمة
تابعنا على
الآن
الدولة الإسلامية ليست مستحيلة عند وائل حلاق
تاريخ النشر: 19 أكتوبر 2023 | الساعة: 01:20 مساءً القسم: المشاهدات:
159 مشاهدة

منذ نُشر كتاب “الدولة المستحيلة” بنسخته العربية للدكتور وائل حلّاق عام 2015 وحتى أيامنا هذه، أثارت أطروحة أستاذ العلوم الاجتماعية في جامعة كولومبيا العديد من النقاشات والمراجعات والنقد والمعارضة والتأييد.

 

وتدور أطروحة حلّاق في مجملها حول فكرتين أساسيتين، وهما نقد الحداثة ومنتجاتها المدمّرة -حسب وصفه- وأهم تلك المنتجات الرأسمالية والدولة الحديثة، والثانية اعتماد الإسلام أداة في ذلك النقد كون الدين الإسلامي يقدّم بديلا حضاريا يصلح لأن يكون معيارا يحاكم الحداثة وينقدها.

 

لذلك، لا عجب أن يوجّه النقد للدكتور حلّاق من فئتين كبيرتين من الناس، الأولى تتبنى الرأي القائل إن الحداثة هي قمّة ما وصل إليه الإنسان اليوم من تطور حضاري، وإن ما ينتج عنها من أخطاء أو أضرار هو نتاج طبيعي لممارسة بشرية يُتوقّع منها الخطأ، لكنّ الحداثة قادرة على معالجة أخطائها وتصحيح مسارها بنفسها.

 

والثانية تقول إن حلّاق إمّا أنه لا يفهم الإسلام كما يجب، وإما أنه يعطّله عن أن يصبح دينا قابلا للحياة والتأقلم مع العصر وحداثته، فهو -أي حلّاق- جعل الإسلام في مواجهة مع الواقع الإنساني الذي هو الحداثة، وهذا إلزام بما لا يلزم، بل إن الإسلام قادر على أن يكون دينا “حداثيّا”، أو أنه دين قادر على تطويع الحداثة وفق قواعده ومنطلقاته الشرعية، فالإسلام قادر على التزاوج مع الحداثة، وإنتاج دولة متصالحة معه.

 

وما بين تلك الفئتين وحولهما، تقترب أو تبتعد موجة النقد للدكتور حلّاق وأطروحته التي نحاول في هذه الورقة توضيح سياقها ومنطلقاتها الأساسية التي تقوم عليها، كما سنطرح بعض الأفكار الأساسية التي عرضها لتدعيم أطروحته.

 

البداية مع نقد الاستشراق

 

يذكر الدكتور وائل حلّاق أنه حين أراد التعرف على التاريخ والحضارة العربية والإسلامية، اطلع على ما كتبه المستشرقون حول العالم العربي والإسلامي والحضارة الإسلامية السائدة فيه، ولأنه ابن المنطقة العربية الإسلامية واجه للوهلة الأولى عدم ارتياح وانزعاج من الأفكار الاستشراقية عن المنطقة، ومبالغتها حينا واختلالها أحيانا أخرى لدرجة الزيف والتحريف والاختلاق، فما “كُتب عن تاريخ المنطقة العربية والإسلامية كُتب بلغة استشراقية سادت في أوروبا القرن الـ19”.

 

لقد كان القرن الـ19 هو قرن استعمار المنطقة العربية الإسلامية، وكان الاستشراق هو الخلفية الثقافية الفكرية للحركة الاستعمارية الأوروبية التي تفسر أو تبرر ممارساتها وسلوكها الاستعماري وخطابها الذي صاغ المخيلة التاريخية التي نتصورها اليوم عن تاريخنا العربي الإسلامي إذا ما قرأنا التاريخ بالمنظور الحديث.

 

يرى حلّاق أنه لا يمكن قراءة تاريخنا وفق الرواية الحديثة بمعزل عن أفكار المستشرقين الاستعمارية ومشاعرهم وتحليلهم وفهمهم وتصورهم ومفرداتهم ومصطلحاتهم وكل ما ينتج عنهم لوصف تاريخنا العربي والإسلامي، فكان لا بد من النظر إلى كل ذلك الإرث الاستشراقي نظرة تحليلية نقدية دقيقة تسهم في إعادة فهم التاريخ العربي والإسلامي وفق تصور مغاير للتصور الاستشراقي وأهدافه الاستعمارية.

مشاركة
اقرأ ايضاً
© 2024 Taraf Iraqi | جميع الحقوق محفوظة
Created by Divwall Solutions