القائمة
تابعنا على
الآن
أصبحت مقصداً للعائلات.. رمضان يعيد الحياة إلى مدينة بغداد القديمة
تاريخ النشر: 02 أبريل 2023 | الساعة: 10:04 صباحًا القسم: المشاهدات:
248 مشاهدة

عادت الحياة إلى نبض مدينة بغداد القديمة، المحاذية لنهر دجلة، والتي معظم سكانها من الطبقة الفقيرة، وهي المنطقة الممتدة من تقاطع الميدان باتجاه ساحة الرصافي التي كانت تدار الدولة العراقية منها في عشرينيات القرن الماضي، إذ يزور هذه المنطقة يومياً أكثر من خمسة آلاف عراقي بعد الإفطار، وكانت هذه المنطقة تغلق في الساعة الثالثة بعد الظهر من كل يوم.

 

إعادة الحياة إلى مدينة بغداد القديمة تعيد إلى دار السلام هويتها العمرانية وتحفز النشاط السياحي، كما تخفف الضغط على شارع المتنبي الذي تحول إلى متنزه للعائلات إلى جانب كونه سوقاً لطباعة وبيع الكتب والقرطاسية.

وتخطط الحكومة العراقية الحالية لإعادة الحياة إلى هذه المنطقة من خلال إعادة تأهيل شارع الرشيد والأبنية التراثية فيه، عبر منح من قبل شركات خاصة، ونقل المحال التجارية واستبدال المطاعم والمحال الأجنبية بها.

 

 

حضارة وتراث

وترأس رئيس الحكومة العراقي محمد شياع السوداني في الأسابيع الأخيرة اجتماعاً للجنة تأهيل بغداد القديمة، وأفاد بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء بأن “رئيس مجلس الوزراء ترأس اجتماعاً للجنة تأهيل بغداد القديمة، بحضور أمين بغداد، ورئيس هيئة الآثار والتراث، والمستشار الثقافي لرئيس مجلس الوزراء، ورئيس رابطة المصارف الخاصة ومدير الدائرة الهندسية في صندوق المبادرات (تمكين) بالبنك المركزي”.

 

 أضاف أن “السوداني استمع إلى شرح وافٍ عن أعمال المرحلتين الثانية والثالثة من مشروع تطوير بغداد القديمة المقرر الشروع بهما في مطلع شهر مايو (أيار) المقبل، وتتضمن المرحلة الثانية محور السرايا الموازية للقشلة، فيما تتضمن المرحلة الثالثة تأهيل شارع الرشيد وساحة الميدان وساحة الرصافي، ووجه رئيس الوزراء باختيار واجهات تراثية تتطابق مع بيئة المكان التراثية وإنشاء مرائب ومرافق خدمية”.

 

وثمن السوداني “عمل اللجنة وأكد دعمه الكامل لها كي تعود بغداد إلى ألقها الحضاري والتراثي المشرق”، مشدداً على أهمية الحفاظ على إرث مدينة بغداد القديمة كونه يمثل واجهة تضم أهدافاً اجتماعية واقتصادية، فضلاً عن أهدافها العمرانية المهمة”.

 

 

أجواء رمضانية

وتعيش مناطق بغداد القديمة ليالي رمضانية ساحرة مفعمة بأجواء تراثية بعد أن شهدت تلك المناطق إهمالاً كبيراً، وأصبحت اليوم مقصداً للمواطنين والعائلات العراقية وباتت شوارعها تعج بمرتاديها بعد أن كان الظلام الدامس يغطيها، ولا سيما شارع المتنبي ومبنى القشلة.

 

ويقول المواطن البغدادي عمر محمد إن المناطق القديمة لبغداد أصبحت مقصداً للعائلات لا سيما بعد الإفطار، إذ إن الجولة العائلية تبدأ من تقاطع الميدان مروراً بشارع المتنبي ومبنى القشلة المطل على نهر دجلة وصولاً إلى ساحة معروف الرصافي، حيث تكتظ تلك المناطق اليوم بالمواطنين المتعطشين لأماكن الترفيه.

 

أضاف محمد، وهو أب لأربعة أولاد، أن القدوم إلى مدينة بغداد القديمة التي كانت مهجورة ليلاً والشاهدة على الأحداث الساخنة التي مر بها العراق في مختلف العقود الماضية، فرصة لتعريف الأولاد بأهمية تلك المنطقة والعراقة التي تحيط بها انطلاقاً من المباني التراثية وصولاً إلى الأحداث المختلفة التي شهدتها مدينة بغداد القديمة.

 

في الأثناء، تفقد وكيل وزارة الثقافة والسياحة والآثار قاسم طاهر السوداني، يرافقه المدير العام لدائرة الصيانة والحفاظ على الآثار أياد حسن عبد حمزة والمدير العام لدائرة التراث أياد كاظم داوود وعدد من الموظفين مبنى القشلة التراثي الذي يحتضن فعاليات تراثية وأنشطة رمضانية ثقافية وفنية.

 

 

عديد من الفعاليات

وتفقد السوداني خلال زيارته القشلة عديداً من الفعاليات التي توزعت بين معارض للفنون التشكيلية ومعارض للفنون والصناعات الحرفية التراثية ومعارض للكتب، منها معرض دار المأمون للترجمة والنشر، ومعرض دار الشؤون الثقافية، ومعرض لقاء الأشقاء للحرف والصناعات الفنية والثقافية التراثية. وشدد السوداني خلال جولته على ضرورة الاهتمام بطبيعة المعروضات التراثية وأهمية تسويق الكتب وتشجيع القراء على العودة لقراءة الكتب الورقية، بخاصة الترويج للكتب التي تعبر عن عمق حضارة بلاد الرافدين التي تزخر بتاريخ ثري.

 

 

حملة لإحياء المناطق التراثية

في السياق ذاته، أعلنت أمانة بغداد أنها ستنفذ حملة كبرى بعد عيد الفطر، لإعادة إحياء المناطق التراثية وإنهاء ظاهرة تخزين البضائع فيها.

وقال مدير العلاقات والإعلام في الأمانة محمد الربيعي إن “أمانة بغداد مستعدة لإطلاق الحملة مع هيئة التراث تطبيقاً لمبادرة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لإعادة إحياء المباني التراثية في العاصمة والحفاظ عليها”، لافتاً إلى أن “العمل في هذا الجانب جارٍ مع البنك المركزي عبر مبادرة تمكين”.

أضاف “بعد الانتهاء من عيد الفطر المبارك ستنطلق حملة كبرى لإعادة إحياء المناطق التراثية في بغداد والحفاظ على الأبنية الموجودة فيها من الانهيار أو السقوط”، مبيناً أن “الجهات المعنية بمراقبة النشاط الزلزالي بعد الزلزال الذي وقع في الدول المجاورة وحتى داخل العراق، حذرت من خطوة انهيار الأبنية القديمة”. وتابع أن “بلدية الرصافة وجهت كتباً رسمية للجهات المعنية بعدد من المباني المهددة بالانهيار، إذ إن 90 في المئة منها تابع للقطاع الخاص وخارج تصرف الأمانة”، موضحاً أن “غالبية تلك المباني تستخدم كمخازن للبضائع”، وزاد أن “الأمانة مستعدة للتعاون مع الجهات الحكومية في رفع مخازن الجملة من المناطق التراثية وإعادة تلك البيوت إلى أصالتها الحقيقية”.

 

 

إعادة الاعتبار لبغداد

ويقول المواطن العراقي عبدالأمير محسن إن إعادة إحياء المناطق القديمة تمثل إعادة الاعتبار لبغداد التي ظلت توصف لأكثر من عقدين من الزمن كأسوأ مدينة للعيش في العالم، وعاشت أسوأ أنواع الإهمال الذي بات يهدد هويتها بشكل غير مسبوق.

 

وعبر محسن عن أمنياته أن يكون هذا المشروع الطموح هو البداية والمفتاح السحري لإعادة إعمار بغداد عبر إعادة الحياة إلى قلبها من جديد، والحفاظ على المباني التاريخية الفريدة التي تتوزع على جانبي نهر دجلة، وتأمين سكن لائق وحديث لسكان هذه المنطقة التي تحولت مساكنها تدريجاً إلى خرائب غير مأهولة، أو مخازن تجارية متهالكة، وإنشاء مجمعات سكنية بديلة تبنى عمودياً لتستوعب أكبر عدد من هؤلاء السكان، مثلما توفر مساحات إضافية، يمكن استغلالها كفضاءات عامة وخدمية، على أن تلبي هذه البنايات الجديدة الشروط الثقافية للعمارة البغدادية وبيئتها، إضافة إلى إعادة تأهيل المركز الاقتصادي لهذه المنطقة الحيوية من بغداد، والتي تضم أهم أسواق بغداد التاريخية ومركز نشاطها التجاري.

 

 

دوافع اقتصادية وسياحية

وإعادة إحياء مدينة بغداد القديمة لها دوافع اقتصادية وسياحية، يقول الباحث الاقتصادي بسام رعد “في الماضي، يعد بناء بغداد (دار السلام) من أهم وأعظم ما توصل إليه البناء في تاريخ العرب، كما أن بغداد في كل عهودها لم تزل حاضرة العراق وأم مدنه وهي المدينة الخالدة التي استأثرت بالعقول، وكانت لها مكانة بارزة في التاريخ، إضافة إلى دورها المركزي في النشاط السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي والتجاري على مر الحقب التاريخية”، مضيفاً “أنها عانت منذ عقود تدهوراً في المجال الخدمي والتجاري والأمني وتقادم البنية التحتية وتهالكها وعدم تحقيق نمو وتطور ملموس طيلة الأعوام الماضية”.

 

وتابع “بسبب هذه الظروف اندثرت معظم أحياء بغداد القديمة وتعرضت للتشويه والإهمال، لذلك المحافظة على التراث البغدادي من خلال حماية وصيانة أحياء بغداد باتت ضرورة وطنية ملحة، بالتالي إعطاء صورة جيدة عن هذه المدينة من أجل جلب السياح المهتمين بتاريخها وتنشيط السياحة الثقافية والتراثية فيها”.

مشاركة
الكلمات الدلالية:
اقرأ ايضاً
© 2024 Taraf Iraqi | جميع الحقوق محفوظة
Created by Divwall Solutions