القائمة
تابعنا على
الآن
شخصيات بلا أسماء وافتراضات مستحيلة.. كيف نقش ساراماغو رواياته في روائع الأدب العالمي؟
تاريخ النشر: 02 نوفمبر 2023 | الساعة: 12:10 مساءً القسم: المشاهدات:
293 مشاهدة

في أعقاب حصوله على جائزة نوبل عام 1998، تلقى الأديب البرتغالي جوزيه ساراماغو (1922-2010) سؤالا، من أحد الصحفيين، وكان يدور حول ما إذا كان قد تصور يوما، أنه سوف يحصل على كل هذه الشهرة. رد ساراماغو قائلا: “كنت مؤمنا على الدوام بأن نجاحا ما ينتظرني، وأنه ذات يوم، سوف يسقط في يدي، مثل ثمرة ناضجة”.

 

وقبل أن تحل اللحظة التي رحل فيها الروائي البرتغالي، بوقت قصير، بينما كان يقبض على تلك الثمرة، كان الكاتب والناقد الأدبي الأميركي الشهير هارلود بلوم يتحدث عنه، معتبرا أن ساراماغو “ليس واحدا من أفضل الروائيين وحسب، بل أحد العبقريات القليلة في عالم اليوم”.

 

تلك الروايات، تبدو كما لو أنها لا تخرج من راو واحد، بل من مجموعة من الرجال المسنين الأذكياء والثرثارين، الذين يتقاذفون الأحاديث على ميناء لشبونة، وهم يدخنون السجائر

 

لم يكن مثل هذا الوصف غريبا، في حالة مثل ساراماغو، الذي شكل واحدة من الظواهر اللافتة في فن الرواية، رغم أن دخوله إلى حلبة الكتابة جاء متأخرا، فالتوصيف الأبرع لأسلوب ساراماغو الكتابي جاء من الناقد الأميركي جون ميشود، حين أشار إلى مجمل رواياته قائلا: “إن تلك الروايات، تبدو كما لو أنها لا تخرج من راو واحد، بل من مجموعة من الرجال المسنين الأذكياء والثرثارين، الذين يتقاذفون الأحاديث على ميناء لشبونة، وهم يدخنون السجائر”.

 

ألاعيب وحيل

 

لا يبدو الأمر غريبا، حين يستغرق القارئ في أفكار هذا الكاتب المثيرة، التي عادة ما ينطلق فيها من سؤال، يبدأ أولا في طرحه، ثم يندفع من بعد ذلك لينشغل تماما في نسج عالم متكامل من التفاصيل التي دائما ما تكون قادرة في كل مساراتها على انتزاع دفقات من الدهشة لا تلوح لها نهاية.

 

هكذا تدور مجمل أعمال ساراماغو حول واحدة من الأفكار، التي يرى من خلالها أنه يمكن للمستحيل أن يتحول إلى واقع، ومن هذا الافتراض، ينطلق متكئا على أسلوب أدبي فريد، ليستنبط من خلاله كل النتائج التي تسطع في الذهن، والتي يمكن للمخيلة استيلادها من مثل هذه الفرضية، حتى ولو حشد فيه، كل ما كان مخالفا للمنطق.

 

بعد أن تنطلق رواية ساراماغو في طرح تساؤلاتها المحددة، لا يلبث السرد أن يتحول إلى سعي متواصل للإجابة عنها، مستغرقا تماما في البرهنة على تلك الفرضية، أو إلى اختلاق إجابة عن هذا السؤال.

 

يتساءل ساراماغو عما يمكن أن يحدث، إذا ما انفصلت شبه الجزيرة الأيبيرية عن الجسد الأوروبي وأبحرت في المحيط الأطلسي؟ هذا السؤال الذي يرتبط بسؤال آخر له علاقة بأصول البرتغال ومصيرها وعلاقتها الغامضة بأوروبا: هل البرتغاليون والإسبانيون أوروبيون حقا؟

 

في رواية “الطوف الحجري”، التي صدرت عام 1986 يتساءل ساراماغو عما يمكن أن يحدث، إذا ما انفصلت شبه الجزيرة الأيبيرية عن الجسد الأوروبي وأبحرت في المحيط الأطلسي؟ هذا السؤال الذي يرتبط بسؤال آخر له علاقة بأصول البرتغال ومصيرها وعلاقتها الغامضة بأوروبا: هل البرتغاليون والإسبانيون أوروبيون حقا؟ لأجل ذلك، يتخيل ساراماغو، أن صدعا قد حدث وأدى إلى انفصال البرتغال وإسبانيا، حيث أصبحت تلك الجزيرة طوفا يسير بلا اتجاه، قبل أن تتوقف في منتصف المسافة، الفاصلة بين أفريقيا وأميركا الجنوبية.

 

في رواية أخرى مدهشة يطرح ساراماغو تساؤلا حول ما إذا كان يمكن للموت أن يقرر الحصول على إجازة؟ وهي الفكرة التي تدور حولها رواية “انقطاعات الموت”، التي تجري أحداثها في بلد ينقطع الموت فجأة عن كل قاطنيه، لنرى التبعات الروحية والسياسية المترتبة على هذا الأمر.

 

وفي رواية أخرى مدهشة يطرح ساراماغو تساؤلا حول ما إذا كان يمكن للموت أن يقرر الحصول على إجازة؟ وهي الفكرة التي تدور حولها رواية “انقطاعات الموت”، التي تجري أحداثها في بلد ينقطع الموت فجأة عن كل قاطنيه، لنرى التبعات الروحية والسياسية المترتبة على هذا الأمر.

 

يقول ساراماغو إن تلك الرواية مستوحاة من هذه الفكرة، حيث يتوقف الناس عن الموت في إحدى الدول غير الساحلية، وتقوم مجموعة سرية بالتعاون مع الحكومة بنقل المحتضرين إلى خارج الحدود من أجل دفنهم. أما الموت فيتجسد في امرأة تقيم علاقة غرامية مع عازف تشيلو. يقول عنها ساراماغو: “لا أرى أنها قصة حب على الإطلاق، حتى لو اعتبر البعض ان الرواية هي انتصار للحب على الموت، لأن ذلك التفسير من وجهة نظري، ليس أكثر من وهم”.

 

في رواية “قصة حصار لشبونة”، فيكون السؤال الذي يطرحه: هل يمكن تزوير التاريخ بجرة قلم؟ وهو الأمر الذي يؤكد إمكانية حدوثه، عبر قيام مدقق لغوي بوضع حرف النفي في داخل النص. وهكذا يتمكن بمثل هذه البساطة من تزوير التاريخ.

 

أما في رواية “قصة حصار لشبونة”، فيكون السؤال الذي يطرحه: هل يمكن تزوير التاريخ بجرة قلم؟ وهو الأمر الذي يؤكد إمكانية حدوثه، عبر قيام مدقق لغوي بوضع حرف النفي في داخل النص. وهكذا يتمكن بمثل هذه البساطة من تزوير التاريخ.

مشاركة
اقرأ ايضاً
© 2024 Taraf Iraqi | جميع الحقوق محفوظة
Created by Divwall Solutions