بطارية بغداد و النار الاغريقية.. أبرز اختراعات تكنولوجية سبقت عصرها بقرون
تاريخ النشر: 11 أبريل 2023 | الساعة: 09:41 صباحًا
القسم: المشاهدات: 303 مشاهدة
بالنظر للآثار المكتشفة من الحضارات القديمة قد يكون من السهل تصورها بدائية إلى حد ما، فبعد كل شيءٍ معظم ما وصلنا من اختراعات الحضارات القديمة وآثارها يكاد يكون أدوات بسيطة، سواء أكانت للزراعة أو البناء أو حتى الأسلحة المستخدمة في الحرب.
ومع ذلك، هذا ليس هو الحال دائماً، ففي كثير من الأحيان تكشف الحفريات الأثرية، ومن حينٍ لآخر، أن الحضارات القديمة طوّرت اختراعات كانت تسبق عصرها بقرون.
في حين أن البطاريات هي اختراع حديث نسبياً إلا أن نسخة أكثر بدائية تم اكتشافها في العراق، وعمرها يتراوح بين 1300 و2000 سنة، أي قبل عدة قرون من تصميم البطارية الأولى عام 1800م.
وتم اكتشاف بطارية بغداد الأثرية عام 1936 قرب قرية “خوجوت ربو” خارج العاصمة العراقية بغداد، وتتكون من أنبوب نحاسي وقضيب من الحديد موضوعة داخل إناء خزفي.
وبسبب عدم وجود سجل مكتوب لوظيفة الجرة بالضبط، كانت هناك الكثير من الآراء المتضاربة حول طبيعة استخدامها والغرض من صناعتها، اقترح البعض أنها كانت تستخدم في الوخز بالإبر والعلاج الكهربائي، خاصة أنه تم العثور على إبر قرب مكان اكتشافها.
وفي عام 1940 لفتت بطارية بغداد أنظار عالم الآثار الألماني ويلهلم كونيغ، ورجّح أن تكون خلية لتوليد الكهرباء بغرض طلاء الفضة بالذهب. وفي عام 1970 أجرى عالم ألماني آخر تجربة على نسخة طبق الأصل لجرة بغداد وملأها بعصير العنب الطازج، وتمكن من توليد 0.87 فولت، وهي قوة كهربائية كافية لطلاء تمثال من الفضة بالذهب.
وفرضية أخرى تقترح أنها ربما صنعت خصيصاً لأجل ممارسة طقوس دينية، وأن الكهنة ربما خبؤوها داخل التماثيل للترويج للآلهة وإقناع الآخرين بـ”قوتها الخارقة” من خلال الشعور بالدفء أو الوخز الخفيف الذي يشعرون به أثناء لمسها.
وكل تلك النظريات لم تحل لغز “بطارية بغداد”، والتي سُرقت من المتحف الوطني العراقي مع آلاف القطع الأثرية الفريدة والمخطوطات النفيسة أثناء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.
تعتبر “آلة أنتيكيثيرا” واحدة من أشهر وأكثر الاختراعات من الحضارات القديمة تعقيداً وتقدماً بالنسبة لعصرها، وهي عبارة عن صندوق خشبي يحتوي على مجموعة من التروس المعدنية، يطلق عليها “أقدم كمبيوتر في العالم” لقدرتها على إجراء الحسابات الفلكية. والعديد من المهام الحسابية الأخرى.
وفي عام 1901، عثرت مجموعة من الغواصين على بقايا الآلة قبالة جزيرة أنتيكيثيرا اليونانية، وهي الآن محفوظة في المتحف الأثري الوطني في أثينا. وبسبب كونها افتقدت للكثير من الأجزاء الخاصة بها، لم يستطع العلماء لسنوات طويلة كشف طريقة عملها أو حل ألغازها وبقيت كذلك لعدة عقود.
وحتى استطاع بعض الباحثين عام 2021 نشر دراسة في مجلة Scientific Reports، وذكروا أنهم استطاعوا إعادة بناء نسخة من الآلة، وبالتالي فهم وظيفتها، وأن “آلة أنتيكيثيرا” كانت قادرة على إجراء حسابات مختلفة، ويمكن أن تساعد في تتبع حركة الشمس والقمر وخمسة من الكواكب.
وكتب الباحثون أنه يمكن حتى معرفة موعد إقامة مسابقات رياضية، مثل الألعاب الأولمبية. وكتب الفريق: “كان حاسوباً ميكانيكياً من التروس البرونزية، يستخدم تقنية رائدة لعمل تنبؤات فلكية عن طريق ميكنة الدورات والنظريات الفلكية”.
ولا يزال الباحثون يبذلون قصارى جهدهم لحل الألغاز المحيطة بـ”آلة أنتيكيثيرا”، فعلى الرغم من إحراز تقدم ملحوظ في فهم طريقة عمل الآلة، لكن لا يزال هناك الكثير لم يكشف عنه بعد، فمثلاً لا يوجد لها أي ذكر في كتب التاريخ ولا يوجد لها مثيل أو آلة تشبهها.
وكما أن النقوش الموجودة على الآلة كانت مكتوبة باليونانية، ولكن لا يزال الباحثون غير متأكدين من هوية صانعها. وافترض بعض الباحثين أن المخترع اليوناني أرخميدس (287 قبل الميلاد- 212 قبل الميلاد) هو صانعها، لكنها مسألة غير مؤكدة.
برعت بعض الحضارات القديمة في مزج المواد الكيميائية واستخراج بعض الأدوية، لكن النار الإغريقية كانت لها استخدامات أخرى، فقد كانت سلاحاً مدمراً في المعارك، وتعتبر أعجوبة في وقتها.
وكانت عبارة عن سائل حارق استعمله البيزنطيون في حروبهم البحرية منذ 674 ميلادية، لإشعال النار في سفن العدو.
وتتكون النار الإغريقية من مركّب قابل للاحتراق، ينبعث من سلاح خاص يرمي اللهب، استخدم اليونانيون النار الإغريقية لأول مرة في “معركة سيلايوم” البحرية، عندما حاول أسطول المسلمين محاصرة القسطنطينية في حملة أرسلها الخليفة معاوية بن أبي سفيان.
وبالرغم من أن استخدام النيران في الحروب البحرية كان شائعاً في تلك الفترة، فإن المسلمين لم يتوقعوا ما حدث، حيث كان هذا الحريق غير اعتيادي، ولا يمكن إخماده بسهولة، سواء بالقماش أو التراب أو الماء، وبعد أن احترق الأسطول بأكمله اشتعلت النيران في البحر نفسه.
ولكن حتى الآن لم يُكشف سر وصفة النار الإغريقية، أو مما كانت تصنع، ويتوقع العلماء أنها ربما احتوت الكبريت أو النفط الخام، ولكن الأرجح هو النفط الخام، لأن الكبريت كان يفتقد لتلك القوة التدميرية التي وصفها المؤرخون عند اشتعال السفن.
ويرجح العلماء النفط الخام، لأنه كان من السهل على البيزنطيين الوصول إلى النفط الخام من الآبار التي تشكلت بشكل طبيعي في مواقع مختلفة تحت سيطرتهم، ويتوقع العلماء أن البيزنطيين أضافوا مكونات أخرى مثل الكبريت ومسحوق المغنيسيوم والفحم والكحول والكافور وغيرها.
وقبل ظهور نظرية الصفائح التكتونية في أوائل القرن العشرين، وظهور أجهزة قياس الزلازل الحديثة، كان هناك عالم فلك ورياضيات ومخترع وجغرافي صيني اسمه “جانغ هنغ”، عاش خلال عهد أسرة هان الشرقية قبل 1800 عام.
واخترع “جانغ” ما يعتبر أول جهاز إنذار لحدوث الزلازل، وكان اسم الجهاز “هوفنغ ديدونغ يي”، والذي يعني “أداة لقياس الرياح الموسمية وحركات الأرض”، لأن مخترعه اعتقد أن الزلازل تنتج عن الرياح والتغيرات في ضغط الهواء.
ووفقاً للأوصاف التاريخية، كان الجهاز أداة برونزية كبيرة، تشبه جرة أو مزهرية في الشكل. تحتوي على 8 تنانين صغيرة في اتجاهات مختلفة، وبمجرد حدوث زلزال أو هزة أرضية يسقط من فم التنانين كرة معدنية إلى فم تماثيل على شكل ضفادع، كل منها يمثل الاتجاه الذي تسير فيه الموجة الزلزالية.
ورغم أن وظيفة تلك الآلة كانت مقتصرة على معرفة اتجاه الموقع التقريبي لمركز الزلزال، فإنها تعتبر واحدة من أكثر اختراعات الحضارات القديمة تطوراً في زمانها.
اقرأ ايضاً