أكبر مجموعة من الأدمغة في العالم
تاريخ النشر: 18 مارس 2023 | الساعة: 12:46 مساءً
القسم: المشاهدات: 201 مشاهدة
يخيّم جو من الغموض على الطبقة السفلى من جامعة أودنسه الدنماركية، إذ تقبع على رفوف هذا المخزن أكبر مجموعة من الأدمغة في العالم، يبلغ عددها تحديداً 9479، كلها مأخوذة على مدى أربعة عقود من جثث مرضى نفسيين.
وتشكل الأدمغة المحفوظة داخل أوعية بيضاء مُرقمّة كبيرة مع مادة الفورمول، ثمرة لعملية جمع انطلقت عام 1945 لأسباب تجريبية وبدفع من الطبيب النفسي المعروف إريك سترومغرن.
ويقول المؤرخ المتخصص في الطب النفسي جيسبر فاسي كراغ لوكالة فرانس برس إنّ جمع الأدمغة “كان يندرج في إطار البحوث التجريبية، إذ كانوا يعتقدون سابقاً أنّها قد تساهم في تحديد موقع الأمراض الذهنية أو في توفير بعض الإجابات”.
وكانت الأدمغة تُجمَع عقب تشريح جثث أشخاص كانوا مودَعين مراكز نفسية في الدنمارك، من دون الحصول على موافقة مسبقة منهم أو من عائلاتهم.
ويقول فاسي كراغ “كانت هذه المراكز تابعة للدولة، ولم يكن أحد يتساءل عمّا يحصل داخلها”.
كذلك، لم يكن موضوع حماية حقوق المرضى سائداً آنذاك، بل كان الهدف الأساس يتمثل في حماية المجتمع منهم، بحسب الباحث.
وكان القانون يفرض بين عامي 1929 و1967 ضرورة تعقيم المرضى النفسيين الذين كانوا حتى العام 1989 مُلزمين بالحصول على إعفاء خاص ليتمكنوا من الزواج.
وكانت الدنمارك تعتبر أنّ هؤلاء المرضى الذين كان يُطلق عليهم تسمية المرضى العقليين “يشكلون عبئاً على المجتمع، وأنّهم قد يتسببون بمشاكل كثيرة في حال سُمح لهم بإنجاب الأطفال أو أُطلقوا من المراكز (…)”.
ويقول المتخصص في علم الأمراض والمسؤول عن مجموعة الأدمغة مارتن ويرينفيلت نيلسن إنّ كل مريض يتوفى داخل المستشفى كانت جُثته تخضع للتشريح.
ويتابع إنّ “هذه الخطوة كانت آنذاك متطابقة مع الثقافة السائدة، فتشريح الجثة كان مجرد إجراء استشفائي”.
وأدى تطور إجراءات ما بعد الوفاة والاهتمام المتزايد بحقوق الفرد إلى إنهاء عملية جمع الأدمغة عام 1982.
وأعقب هذا القرار نقاش طويل في شأن الأسس التي تبرر وجود هذا الإرث الضخم، حتى أصدرت الهيئة الدنماركية للأخلاقيات قراراً بضرورة الحفاظ عليه واستخدامه للأغراض العلمية.
وعام 2018، نُقلت مجموعة الأدمغة إلى جامعة أودنسه بعدما كانت لفترة طويلة في آرهوس غرب الدنمارك.
ويؤكد مدير المجموعة أنّ الأدمغة التي تمثل مجموعة كبيرة جداً من الاضطرابات (الخرف، الفصام، الاضطراب الثنائي القطب، الاكتئاب …) تشكل “بحثاً علمياً مذهلاً ومفيداً جداً في حال أردنا معرفة المزيد عن الأمراض النفسية”.
كذلك، تمثل بعض الأدمغة أمراضاً عصبية ونفسية متعددة ومتشابكة.
ويقول “إنّ عدداً كبيراً من هؤلاء المرضى كانوا يقبعون خلال نصف حياتهم وحتى طوال حياتهم، داخل مستشفيات للأمراض النفسية، وعانوا أمراضاً دماغية أخرى كالصرع أو أورام الدماغ”.
وحالياً، يجري العمل على أربعة مشاريع بحثية في هذا الصدد.
ويؤكد الرئيس السابق للجمعية الوطنية للصحة الذهنية كنود كريستنسن “إنّ مجموعة الأدمغة إذا لم تُستخدم فستكون عديمة الفائدة”.
ويتابع كريستنسن، وهو عضو في هيئة الأخلاقيات الدنماركية “بما أنّها باتت بحوزتنا، ينبغي أن نستخدمها”، مضيفاً ان “المشكلة الرئيسة تكمن في الافتقار إلى الإمكانات لتمويل الأبحاث في هذا المجال”.
وتعمل عالمة البيولوجيا العصبية والمتخصصة في مرض باركنسون في أحد مستشفيات كوبنهاغن الجامعية سوزانا أزنار، مع فريقها على مشروع يستخدم هذه الأدمغة.
وتعتبر أنّ المجموعة فريدة لأنّها تساعد في تحديد الآثار الناجمة عن العلاجات الحديثة.
وتقول إنّ هذه الأدمغة “لم تُعالج بالعلاجات التي تُستخدم راهناً”.
وتضيف “عندما نقارن أدمغة حالية بتلك الموجودة في جامعة أودنسه، يمكننا الاستنتاج ما إذا كان هناك رابط بين التغييرات الحاصلة والعلاجات الموفرة للمرضى”.
اقرأ ايضاً