القائمة
تابعنا على
الآن
قصص للأسير الكاتب محمد الطوس
نشر: بتاريخ 2023/03/10 في قسم: المشاهدات:
218 مشاهدة

يُعتبر الأسير محمد الطوس أقدم أسير فلسطيني، رفض الاحتلال الإفراج عنه في كافة صفقات تبادل الأسرى. نحنُ أمامَ سنةٍ جديدة؛ هناك وحدات عِدَّة لقياسِ الزمن: الساعة، اليوم، الشهر، السنة، العقد، القرن… لكنَّ السنة- بالنسبة إلى الإنسان- هي أهمُّ هذه الوحدات الزمنيَّة جميعاُ؛ فعمره يُقاس بها، وهو يتكلم عن سنة ماضية وسنة آتية. وقَلَّ من الناس لا يحتفل بعيد ميلاده سنةً بعد سنة، والذين يُطفِئون شموعَ ميلادهم يفعلون ذلك كما لو أنَّهم خَسِروا سنةً لن يعوضها شيء،  بل هي أدنتهم من النهاية. ومنهم من يفعلونها كما لو كانت السنة الفائتة أكسبتهم خبرة ثمينة وحفَّزتهم على السعي نحو الأفضل. هناك إذن الأشخاص المنفعلون الذين لا يستسلمون للزَّمن، والفاعلون الذين يصنعون الزَّمن. والواقع أنَّ الزمن- الذي هو أقوى عامل محرِّك في حياتنا- ليس كياناً حسيَّاً يمكن القبض عليه باليد. لكنَّنا نرى أثره في قصص (عَينُ الجَبَل) للكاتب الأسير محمد الطوس، لكل ما نراه في الأرض الفلسطينية، من قتلٍ واعتقالٍ وهدمٍ لبيوت الفلسطينيين.  نحنُ أمامَ كتابٍ جديد؛  هذا الكتاب يمكن أن نَدَعَهُ يمرُّ هكذا على رسْله، ويمكن أن نقف لنسأل: ماذا نفعل به، وبماذا نملأه؟ والأحرى أن نتَّبع الخط الثاني. ثمَّة من يذهب إلى أنَّ حياتنا مسيَّرة ومقرَّرة سلفاُ، وأنَّه لا حاجة بنا إلى هذه الأفكار كلها، إذ أنَّه مهما فعلنا، فلن نستطيع أن نُبدِّل شيئاً في ما هو مقدَّر أو مرسوم سابقاً. لكنَّ هذا الرأي لا يستقيمُ مع الكاتب الأسير محمد الطوس، ذلك أنَّ معرفة الله التامَّة الكليَّة لا تنكر على الإنسان حريَّته. ويعطينا الطوس مثالاً على ذلك من خلال تجربته النضاليَّة ضد المحتل الإسرائيلي وصراعه مع الحياة من أجل لقمة العيش، فلنقرأ هذا المشهد السيريِّ القصصيِّ الآتي: لم يبقَ معي سوى ٧٠ قرشاً، وحينها قرَّرتُ ترك المدرسة والذهاب للمزارعين اليهود للعمل، وهكذا كان

نحن أمام كتابٍ جديد؛  العقل يفترض أنَّ كل الأشياء بطبيعتها يمكن أن تكشف ذاتها له، وغنيٌّ عن القول أنَّ هذا المفهوم الذي عبَّر عنه هيغيل بقوله: (إنَّ كل موجودٍ معقول، وكل معقولٍ موجود، والأشياء التي تقف أمام محكمة العقل لم تكشف بَعد عن حقيقتها للإنسان. وماذا عن عقلِ الطوس الموجود داخل الكلمات التي سطَّرها، لتكون توثيقاً لعقلٍ لا يعرف من الموجود إلا قهر الإنسان الذي يعرِّيه ويكشف زيفَ سلوكِ عقله، أليس هذا موجودٌ بشكلٍ جليٍّ وعلى أرض الواقع، ويتم ممارسته ضد عقلٍ يرفضُ القهر، ويبحث عن حقِّه في التفكير والحرية في مفاهيمٍ لا تمتُّ للعقل، هل هذا السلوك جريمةٌ يُعاقَب عليها مدى الحياة؟ كما حصل مع محمد الطوس وعبَّر عن هذا الوعي في كتابه “عًينُ الجَبَل”. وأمَّا الذين يُنكرون هذا الواقع فقد جافوا الحقيقة وصنعوا لهم رؤيةً توهموا أنَّها حقيقة، أرادوا من خلالِ هذا الوهم صُنعَ حقيقةٍ خاصَّةٍ بهم، فكان محمد الطوس الكاشف لهذا الوهم.  وكلمة لا بُدَّ من قولها، أنَّ محمد الطوس استطاع تحليل الحياة اليوميَّة، ومن أهمِّها صلتُه بالإفصاح عن العاطفة المشبوبة. ولو أراد العالِم أو الفيلسوف أن يُعربَ عن عواطفه، لما استطاع أن يتجاوز التعميم أو التجريد. فجاء إفصاحه مصطنعاً. أمَّا الشاعر أو الفنان الذي تجيَّشت في صدره العواطف فينقلنا عنوةً إلى عالمٍ من الأحاسيس والصور والخيالات التي تؤلِّف لُحمة عالم الامكانات اللامتناهية وسداها، عالم ما هو ممكن خلافاً لعالم ما هو حاصل.  وفي حالة محمد الطوس كان فيلسوفاً  إنساناً خرج من رحم المعتقل، ليرسم لنا ماهيَّة الفلسفة إذا ما أُنتجت من واقعٍ معاش، وليس فيلسوفاً يعيشُ بين جدران حجرته؛ فشتَّان ما بين الإثنين، فالطوس كان إنساناً يطرقُ أبواب الإبداع من باب الفلسفة.

اقرأ ايضاً
© 2024 جميع الحقوق محفوظة الى Taraf Iraqi